سورة هود - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ} تترك تبليغ بعض ما يوحى إليك وهو ما يخالف رأي المشركين مخافة ردهم واستهزائهم به، ولا يلزم من توقع الشيء لوجود ما يدعو إليه وقوعه لجواز أن يكون ما يصرف عنه وهو عصمة الرسل عن الخيانة في الوحي والثقة في التبليغ ها هنا. {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} وعارض لك أحياناً ضيق صدرك بأن تتلوه عليهم مخافة. {أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ} ينفقه في الاستتباع كالملوك. {أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ} يصدقه وقيل الضمير في {بِهِ} مبهم يفسره {أَن يَقُولُواْ}. {إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ} ليس عليك إلا الإِنذار بما أوحي إليك ولا عليك ردوا أو اقترحوا فما بالك يضيق به صدرك. {والله على كُلّ شَئ وَكِيلٌ} فتوكل عليه فإنه عالم بحالهم وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم.


{أَمْ يَقُولُونَ افتراه} {أَمْ} منقطعة والهاء {لِمَا يُوحَى}. {قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مّثْلِهِ} في البيان وحسن النظم تحداهم أولاً بعشر سور ثم لما عجزوا عنها سهل الأمر عليهم وتحداهم بسورة، وتوحيد المثل باعتبار كل واحدة. {مُفْتَرَيَاتٍ} مختلقات من عند أنفسكم إن صح أني اختلقته من عند نفسي فإنكم عرب فصحاء مثلي تقدرون على مثل ما أقدر عليه بل أنتم لتعلمكم القصص والأشعار وتعودكم القريض والنظم. {وادعوا مَنِ استطعتم مّن دُونِ الله} إلى المعاونة على المعارضة. {إِن كُنتُمْ صادقين} أنه مفترى {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} بإتيان ما دعوتم إليه، وجمع الضمير إما لتعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم أو لأن المؤمنين كانوا أيضاً يتحدونهم، وكان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم متناولاً لهم من حيث إنه يجب أتباعه عليهم في كل أمر إلا ما خصه الدليل، وللتنبيه على أن التحدي مما يوجب رسوخ إيمانهم وقوة يقينهم فلا يغفلون عنه ولذلك رتب عليه قوله: {فاعلموا أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله} ملتبساً بما لا يعلمه إلا الله ولا يقدر عليه سواه. {وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ} واعلموا أن لا إله إلا الله لأنه العالم القادر بما لا يعلم ولا يقدر عليه غيره، ولظهور عجز آلهتهم ولتنصيص هذا الكلام الثابت صدقة بإعجازه عليه، وفيه تهديد وإقناط من أن يجيرهم من بأس الله آلهتهم. {فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ} ثابتون على الإسلام راسخون فيه مخلصون إذا تحقق عندكم إعجازه مطلقاً، ويجوز أن يكون الكل خطاباً للمشركين والضمير في {لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ} لمن استطعتم أي فإن لم يستجيبوا لكم إلى المظاهرة لعجزهم وقد عرفتم من أنفسكم القصور عن المعاوضة فاعلموا أنه نظم لا يعلمه إلا الله، وأنه منزل من عنده وأن ما دعاكم إليه من التوحيد حق فهل أنتم داخلون في الإِسلام بعد قيام الحجة القاطعة، وفي مثل هذا الاستفهام إيجاب بليغ لما فيه من معنى الطلب والتنبيه على قيام الموجب وزوال العذر.


{مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا} بإحسانه وبره. {نُوَفّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} نوصل إليهم جزاء أعمالهم في الدنيا من الصحة والرئاسة وسعة الرزق وكثرة الأولاد. وقرئ: {يوف} بالياء أي يوف الله و{نُوَفّ} على البناء للمفعول و{نُوَفّ} بالتخفيف والرفع لأن الشرط ماض كقوله:
وَإِنْ أَتَاهُ كَرِيمٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ *** يَقُولُ لاَ غَائِبٌ مَالي وَلاَ حَرَمُ
{وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} لا ينقصون شيئاً من أجورهم. والآية في أهل الرياء. وقيل في المنافقين. وقيل في الكفرة وغرضهم وبرهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8